كنت عند المهدي «١» وأتى سفيان الثوري، فلما دخل سلّم عليه تسليم العامّة، ولم يسلّم بالخلافة، والربيع «٢» قائم على رأسه متكئا على سيفه، يرقب أمره، فأقبل المهدي عليه بوجه طلق، وقال له: يا سفيان تفرّ مناههنا وههنا، وتظن أنا لو أردناك بسوء لم نقدر عليك؟ فقد قدرنا عليك الآن، أفما تخشى أن نحكم فيك بهوانا؟ قال سفيان: إن تحكم فيّ يحكم فيك ملك قادر يفرق بين الحق والباطل. فقال له الربيع: يا أمير المؤمنين ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا؟
ائذن لي أن أضرب عنقه، فقال له المهدي: اسكت ويلك، وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم؟ اكتبوا عهده على قضاء الكوفة، على أن لا يعترض عليه، فكتب عهده ودفع إليه، فأخذه وخرج فرمى به في دجلة وهرب، فطلب في كل بلد فلم يوجد، ولما امتنع من قضاء الكوفة وتولّاه شريك «٣» بن عبد الله النخعي، قال الشاعر/ (ص ٢٧٩) : [الطويل]