للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال شمس الدين بن «١» الفخر كان إماما بارعا حافظا متقنا، أتقن علوما شتىّ وصنّف التصانيف الجمّة، وكان شديد الورع والزهد، تاركا لجميع ملاذ الدنيا من المأكول إلا ما يأتيه به أبوه من تين وكعك، وكان يلبس الثياب المرقّعة الرثّة ولا يدخل الحمام، ولا يأكل الفواكه، ولم يتناول من الجهات درهما، وحكى أبو الحسن ابن العطار أنه عذل في عدم دخوله الحمام، وتضييق العيش في مأكله وملبسه وأحواله وخوّف/ (ص ٢٩٣) من مرض يعطّله عن الاشتغال. فقال: إنّ فلانا صام وعبد الله حتى اخضر جلده، وكان يمتنع من أكل الفواكه والخيار، ويقول: أخاف أن ترطّب جسمي وتجلب النوم، وكان يأكل في اليوم والليلة أكلة، ويشرب مرة واحدة عند السحر. قال ابن العطار: كلمته في الفاكهة، فقال: دمشق كثيرة الأوقاف، وأملاك من تحت الحجر والتصرّف لهم لا يجوز إلا على وجه الغبطة لهم، ثم المعاملة لهم فيها على وجه المساقاة، وفيها خلاف، فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك. [وأيضا فغالب من يطعم إنما يأخذ الأقلام والعين غصبا أو سرقة، لأن أحدا ما يهون عليه بيع أقلام أشجاره وكشط لحائها، ولا جرت بذلك عادة ولا تجارة أحد من خلق الله تعالى، فيطلع الثمر في نفس ذلك المغصوب أو المسروق، فتكون الثمرة ملكا لصاحب القلم أو العين لا لصاحب الشجرة ويبقى بيعه وشراؤه حراما] . «٢»

وكان لا يقبل من أحد شيئا إلا في النادر ممّن لا يستغل عليه، أهدى له فقير

<<  <  ج: ص:  >  >>