إبريقا فقبله، وعزم عليه البرهان الإسكندري «١» للفطر عنده في رمضان، فقال أحضر الطعام إلى هنا ونفطر جملة فأكل من طعامه، وكان لونين، وربما جمع بعض الأوقات بين أدمين، وكان يواجه الملوك والظلمة بالإنكار ويكتب إليهم ويخوّفهم بالله، كتب مرة إلى سلعك الخزاندار «٢» كافل الممالك:
من عبد الله يحيى النووي سلام الله ورحمته وبركاته على المولى المحسن ملك الأمراء بدر الدين أدام الله له الخيرات وبارك له في جميل أحواله آمين، ونهي إليّ العلوم الشريفة، أن أهل الشام في ضيق وضعف حال بسبب قلة الأمطار، وذكر فصلا طويلا، وفي طيّ ذلك ورقة إلى الملك الظاهر «٣» ، وله غير رسالة إلى الملك الظاهر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووافقه مرة بدار العدل، فحكى أن الظاهر قال: أنا أفرغ منه، وحدث له معه فصول، ثم إن الشيخ سافر فزار القدس ثم عاد إلى نوى، فمرض عند والده وحضرته المنية، فانتقل إلى الله عز وجل في الرابع والعشرين من شهر رجب الفرد سنة ست وسبعين وستمائة، وقبره ظاهر مقصود بالزيارة رحمه الله تعالى. [وحكى لنا أخوه الشيخ عبد الرحمن عنه أنه لما مرض مرض موته اشتهى التفاح فأتي به فلم يأكله، فلما مات رآه بعض أهله فقال له: ما فعل الله بك فقال: أكرم نزلي وتقبل عملي، وأوّل قرى جاءني التفاح، وحكى لنا أنه لما دفن حيث هو إلى أن أراد أهله أن يبنوا على ضريحه قبّة فرأته عمته وهو يقول لها: قولي لأخي والجماعة لا يفعلوا هذا الذي عزموا عليه من البنيان عليه، فإنهم كلما بنوا شيئا يهدم عليهم] . «١٣»