أجراه دمعا، وبنزال الأبيرق «١» حتى كاد يفنيه جزعا وولع بأهيل الحيّ حتى ظلّ دمعه بالحمى صبّا «٢» ، وبات (ص ٣٠٩) كراه «٣» لا يلائم مضجعه من الجفون جنبا، وتشوّق ديارا كان يودّ لو طاف بربوعها، وطاح مرطه في مسارح ربيعها، وأسف لزمان أخّره عن زمان تلك الأقمار الطّلع، والسمّار ومقل الكواكب مفضية لا تجسر أن تتطلّع وغشيان نادي النبوة والقرآن ينزل عليه، وجبريل يؤدي ما اؤتمن على إبلاغه إليه، وسيّد الكونين محمد خاتم الأنبياء، وإمام الأتقياء حيّ يأتلق قمره في ذلك النادي، ويتدفق مطره في ذلك الوادي، وطيبة «٤» به تأرج «٥» جنبات أرجائها نشرا.
وتخلّق أردان فنائها بشرا، وتلك المعالم مأهولة بأهلتها، وتلك المعاهد معهودة لا تستسقي السحب لغلتها، فلما فاته سالف تلك الأيام أن يكون من بينها، وبعدت عليه شقة تلك المنازل أن يكون فيها، جعل فيها غرر تأليفه، ودرر تصنيفه، وصنف كتاب الشفا في شرف المصطفى «٦» ، وأوقد مصباحه مذ