كان فما انطفى، ينطق بغرام برسول الله صلى الله عليه وسلم أسكنه شغاف قلبه، وأنزله سعاف حبه، وذكر في في تعظيمه أوصاف ربّه، وأخلص فيه النية، فما جاء بعده كتاب ألّف في بابه ثم كان له مدانيا، ولا منه دانيا، بل عليه المعتمد دون بقيّة تلك الكتب على كثرتها، والمخصوص بالأثرة عليها على أثرتها، وجرّب أنه لم يكن عند رجل فنكب، ولا في رحل فأخذ، ولا في بيت فخرب، ولقد كان مصنفه رحمه الله أنفع لمدينته سبتة «١» من بحرها، وأجمع لقطريها مما تخنقه جوانبها الثلاث من برها.
وقد ذكره الفتح فقال: جاء على قدر، وسبق إلى نيل المعالي وابتدر، فاستيقظ لها والناس نيام، وورد حياضها وهم حيام «٢» ، فتحلت به للعلوم نحور، وتجلّت له منها حور، كأنهن الياقوت/ (ص ٣١٠) والمرجان، لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان، وقد ألحفته الأصالة رداءها، وسقته الجلالة أنداءها، وأزرت محاسنه بالبدر اللياح «٣» ، وسرت فضائله سرى الرياح، فتشوفت لعلاه الأقطار، ووكفت «٤» تحكي نداها الأمطار، وهو على اعتناء بعلوم الشريعة، واختصاصه بهذه الرتبة الرفيعة، يعني بإقامة أود الأدب، وتنسلّ إليه أربابه من كل حدب، إلى سكون ووقار كما رسا الطود، وجمال مجلس كما حلّيت الخود «٥» ،