ومن نثر القاضي أبي الفتح ما كتبه إلى نوابه بالحكم في الوجه القبلي البحري عند ما فوّض إليه قضاء القضاة بالديار المصرية، بعد البسملة:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ
«١»
صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي وفقه الله لقبول النصيحة، وآتاه لما يقربه قصدا صالحا ونية صحيحة، أصدرناها إليه بعد حمد الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور «٢» ، ويمهل حتى يلتمس الإمهال على المغرور، تذكرة بأيام الله وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ
«٣» ، ويحذره صفقة من باع آخرته بدنياه فما أحد سواه مغبون «٤» ، عسى الله أن يرشده بهذا التذكار وينفعه، وتأخذ هذه النصائح بمحجزته «٥» عن النار فإني أخاف أن يتردى فيخرّ من ولّاه والعياذ بالله معه، والموجب لإصدارها ما تلمحناه من الغفلة المستحكمة على القلوب، ومن تقاعد الهمم عن القيام بما يجب للرب على المربوب، ومن أنسهم بهذا الدار وهم يزعجون «٦» عنها، وعلمهم بما بين أيديهم من عقبة كؤود «٧» ، وهم لا يتخففون منها، ولا سيما القضاة الذي تحملوا أعباء الأمانة