ومن العجب أن أهل مصر يروون صحاحه عن ابن القطّاع، ولا يرويه أحد بخراسان، وقد قيل: إن ابن القطّاع رتب له طريقا لمّا رأى رغبة المصريين فيه فرواه لهم في كتابه أشياء لا شك أنها نقلت من صحف فصحفت على الجوهري فانتدب لها علماء مصر وأصلحوا أوهامها. وقيل إنّه اختلط في آخر عمره ومات مترديا من سطح داره بنيسابور في شهور ثلاث وتسعين وثلاثمئة وقيل في حدود الأربعمائة.
قال ياقوت الحموي: جاريت أبا الحسن علي بن يوسف القفطي أمر الجوهري. وما وقع له من حسن التصنيف، ثم قلت: ومن العجب أني بحثت عن مولده ووفاته بحثا شافيا، وسألت عنها الواردين من نيسابور فلم أجد مخبرا عن ذلك. فقال لي: لقد بحثت قبلك عن ذلك فلم أر مخبرا عنه. فلمّا كان من غد ذلك اليوم جئته فقال لي: ألا أخبرك بطريقة أني رأيت في بارحتنا في النوم قائلا يقول لي: مات إسماعيل بن حماد الجوهري سنة ست وثمانين وثلاثمئة. ولعمري، وإن كان المنام ما لا يقطع به، ولا عمل عليه فهذا بلا شك زمانه وفيه كان أوانه. وكان يجيد الشعر.
فمنه قوله:[السريع]
لو كان لي بدّ من النّاس ... قطعت حبل الناس بالياس
العزّ في العزلة لكنّه ... لا بدّ للنّاس من النّاس
وقوله:[الوافر]
فها أنا يونس في بطن حوت ... بنيسابور في ظلم الغمام