ومن شعره قوله في زعيم الدين ابن جعفر، صاحب المخزن، وكان قد ورد من مكة يعتذر فيها عن تأخره عن قصده بطريق مرض عرض له في دجلة: [الطويل]
لئن قعدت بي عن تلقّيك علّة ... عدوت بها جلسا لربعي من شهر
رمتني في رجلي بقيد تقاصرت ... خطاي له والقيد ما زلال ذا قصر
إذا قلت قد أفرقت «١» منها تجدّدت ... فأودى بها نهضي وهيض «٢» بها كسري
فما قعدت عنّي دعاء أفيضه ... ولا قصرت عنّي ثناء وعن سكري
قدمت علينا مثل ما قدم الحيا ... على بلد ميت فقير إلى القطر
فأصبح مغبرّ البلاد منوّرا ... به زهر غضّ كأخلاقك الزّهر
وعدت وبالبيت الحرام صبابة ... إليك وبالرّكن المعظّم والحجر
وقد صحب الحجّاج منك مباركا ... عزيز النّدى طلقا محيّاه ذا بشر
أخا كرم إن أخلف الغيث أخلفت ... يداه بمنهلّ من البيض والصّفر
فملكهم مثن عليك وشاكر ... لنعماك معمور بنائلك الغمر
خصصتك بالمدح الذي أنت أهله ... لجاهك من صدر امرئ ناحل الصّدر
وأيسر ما أخفيه ما أنا مظهر ... فدع عنك شعري جلّ قدرك عن شعري
وقوله فيه وقد ورد كتابه من فيد: [الوافر]
فإن تك محرما من ذات عرق ... فقد حرّمت غمضي بالعراق
شمائلك الشّمول فكيف تقضي ... فروض الحجّ بالكأس الدّهاق
وأنت الطّيب إن صافحت كفّا ... تحلّل محرما بدم مراق
ولما جاءت البشرى بكتب ... وكانت كالقميص على الحداق
ضممت إلى الفؤاد كتاب فيد ... فضاعف برده حرّ اشتياقي
فخبّر بالسّلام فثمّ بين ... بأنّ الماء ضاق على الرّفاق