عليهما في التعليم، فلمّا أفضى الأمر إلى المستضيء رضي ابن الخشاب أن يخلص منه رأسا برأس؛ وذلك أنه كان يظهر منه تفضيل أخيه عليه، فلم يذكره بنفسه.
قال العادل مسعود بن يحيى بن النادر: كنت يوما بين يدي المستضيء فقال لي: كلّ من نعرفه قد ذكرنا بنفسه، ووصل إليه برّنا إلا ابن الخشاب، فما خبره؟ فاعتذرت عنه بعذر، أقصاه الحال، ثم خرجت فعرّفت ابن الخشاب ذلك. فكتب إليه هذين البيتين:[الكامل]
ورد الورى سلسال جودك فارتوى ... فوقفت دون الورد وقفة حاتم
ظمآن أطلب خفّة من زحمة ... والورد لا يزداد غير تزاحم
قال ابن النادر: فأخذتها منه وعرضتها على المستضيء، فأمر له بمائتي دينار. فقال: لو زادنا لزدناه.
وأنشد لنفسه:[الكامل]
أفديه من متعتّب متجنّب ... قد ضنّ حتّى بالخيال الطّارق
ما زال يمطلني بوعد كاذب ... حتّى تكشّف عن صدود صادق
واجتمع جماعة من الحنابلة بمسجد ابن شافع، يسمعون كتاب ابن مندة في فضائل أحمد بن حنبل ومحنته في القرآن، وما جرى له مع الخلفاء من بني العباس، فذمّومهم ولعنوهم، وذمّوا فلانا وفلانا. وكان الكتاب يقرأ على ابن الخشاب، فأنكر عليهم إنسان دمشقي فقيه، وقال: هذا لا يجوز يلعنون أئمة المسلمين وفقهاء الدين. فقاموا إليه وسبّوه، وهمّوا به. ووصل الخبر إلى الخليفة، فتقدم إلى حاجب الباب يأخذهم، وأخذ ابن الخشاب وأن يركبوا بقرا ويشهروا في البلد. فقبض على جماعة منهم، وهرب ابن الخشاب، فلحق بالحلة إلى أن شفع فيه، فعاد، فقال ابن الخشاب في غيبته:[الوافر]
إذا دار السّلام نبت بمثلي ... فحبّبت السّلامة والسّلاما
ولا جرت الصّبا إلا سموما ... وهبّت [من] سحائبها شماما «١»