للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأظفاره. فبينما هو يوما يمر عليه بيده، ويريد أنسه وتودّده، وإذا به قد عضّه عضة زلزلت قوى الشيخ الفاضل وأنسته جميع الفضائل. فربطها بمنديل عظيم وتصدّى للعواد، وأضحك عليه حتى لم يبق مع أحد فؤاد. فقال فيه قيان: [المتقارب]

عتبت على قطّ ملك النّحاة ... وقلت أتيت بغير الصّواب

عضضت يدا خلقت للنّدى ... وبثّ العلوم وضرب الرّقاب

فأعرض عني وقال اتّئد ... أليس القطاط أعادي الكلاب

فلما بلغته الأبيات غضب حتى دارت أمّ راسه، وسلّت من قحفه خيوط العلم بأمراسه؛ إلا أنه لم يدر من رماه بداهيتها الدهيا وتركه لا يبصر في ليلته العميا. فانقطعت عنه حياء أن يقع على ظنّه العروف ويعلم فيها ما بشم من نفسه المعروف. وكتبت إليه شعرا أعتذر فيه وتبيينه على أنه قد يقدر في قول سفيه فكتبت إليه: [الخفيف]

يا خليليّ نلتما النّعماء ... وتنّسمتما العلا والعلاء

ألمما بالشّغور بالمسجد المعمو ... رواستمطرا به الأنواء

وامنحا صاحبي الذي فيه منّي ... كلّ يوم تحية وثناء

ثمّ قولا له اعتبر بالذي فه ... ت به مادحا فكان سماء

وقبلنا فيه اعتذارك عمّا ... قاله الجاهلون عنك افتراء

وكان هذا الفاضل بحمقه وخروجه عن طرقه مضغة «١» لكل ماضغ، وشغلا لكل فارغ.

يجرّب فيه كلّ أحد سيفه الكهام «٢» ، ويجر إليه جيش حربه اللهّام.

وفيه يقول ابن منير: [المجتث]

يا نحاة الزموا الشكك «٣» ... ثم حلّوا عن التكك «٤»

<<  <  ج: ص:  >  >>