للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب أو اقليدس على المظفر بن المظفر القارئ الطوسي من رساتيق سوس في مدة ثلاثة أشهر. ورأيته حلّ كتاب الكرة والأسطوانة على نفسه من غير توقف، وأراد حلّ كتاب المجسطي، فحل منه جملة من أوله، ثم رأى أن ثمرة هذا العلم مرّ جناها، وعاقبته مذمومة أولاها وأخراها فنبذه وراء ظهره مجانبا، ونكّب عن ذكره جانبا. وكان حسن الظّنّ بالله واكب علم النحو فبلغ منه الغاية، وجاوز النهاية، وصار فيه آية، ولم يكن أخذه عن إمام قرأه عليه، ولا تناوله من عالم أسنده إليه؛ إنما كان يحل مشكله بنفسه، ويراجع في غامضه صادق حسّه؛ حتى جرى بينه وبين أبي حفص عمر بن محمد بن علي بن أبي نصير الموصلي المعروف بابن الشحنة مناظرة في قوله: [الطويل]

وقد علم الأيقاظ أخفية الكرى ... يرجّحها من حالك واكتحالها

علاه في جميعها، فلم يكن له قرار إلا أن قال: أنت صحفي.

فلحق بشيخنا أبي الحرم رحمهما الله، وأقام عنده مدة قريبة قرأ عليه أصول أبي بكر محمد بن السري السرّاج، وقرأ عليه كثيرا من الكتاب، ولم يفعل ذلك حاجة به إلى إفهام؛ وإنما أراد أن ينتمي على عادتهم في ذلك إلى إمام. وكان بينهما منافرة، فسمع عمر بن محمد بهذا، وكان شيخنا أبو الحرم كثيرا ما يراجعه في كثير من المسائل المشكلة، ويعاوده في عدّة من المواضيع المعضلة. وكان أبدا يرجع إليه في أجوبة ما يورد عليه.

قال ابن المستوفي: وأخبرني من أثق به أنه سمع عمر بن محمد يعتب عليه في هذه القصيدة أيضا قوله في الخمرة: [الكامل]

وكأنّها وجه ابن مودود إذا ... ما لاح رونق بشره للمجتدي «١»

فقال: فعل الله بوجهه، وصنع لا يكنى، كيف يشبه وجه ملك بالخمرة؟ وهذا ميل منه عليه؛ وإلا فما زال الشعراء يشبهون الخمرة بالشمس والمصابيح، ويبالغون في صفة نورها،

<<  <  ج: ص:  >  >>