للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا معلوم لا يحتاج إلى برهان.

وإذا كان كذلك، فأيّ عيب إذا شبّه الوجه بما يشبه الشمس، وقد شبّه كلّ واحد منهما بها؟

وأكثر الدواعي الموجبة للمعاداة بينهما كون محمد بن عمر كان الولوع بشيخنا، أبي الحرم، شديد التعصب عليه؛ حتى إنه كتب إليه بعض المرات ونقلته من خطّه: [الكامل]

ثكلتك أمّك هبك من نفر الفلا ... ة أكنت تحظى مرّة بصواب

وكان أبو عبد الله محمد بن يوسف يتتبّع معايبه، ويشيع مثالبه؛ نصرة لشيخنا أبي الحرم، وذبّا عنه؛ لأن شيخنا لم يكن ممن يجيبه على قول يقوله ببنت شفة ولا يردّ عليه.

فحضرت شيخنا رحمه الله بعد أن توفي أبو عبد الله وقد أجري بين يديه ذكره، وأجمع الجماعة كلهم على تفضيله، فقال: كان لي منه العضد الأشدّ والساعد الأسدّ «١» ، أو كلاما هذا معناه، ثم بكى وأنشد: [البسيط]

لو كان يشكى إلى الأموات ما لقي ال ... أحياء بعدهم من شدّة الكمد

إذا شكوت وأشكاني وساكنه ... قبر بسنجار أو قبر على قهد

وقد أنشد من شعره جانبا، فمنه قوله: [الطويل]

كلا مدمعينا يا غمامة ساجم ... ولكنّ قلبينا سليم وسالم

لئن رويت منّي جفون نواهل ... لقد ظميت مني ضلوع جواثم

ومبتسم عن عقده عقد ثغره ... سقاني دهاقا والوصال منادم

بكأس يزيل العقل عن مستقرّه ... يطوف بها منها على الشّرب صارم

فلمّا سرت في كل عرق ومفصل ... جفاني وقد يجفو الحبيب الملائم

<<  <  ج: ص:  >  >>