للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أهلها فمن أظهر الناس حشمة، وأكثرهم تظاهرا بالنعمة، ولهم الأموال المديدة والنعم الوافرة والنفوس الأبية للدنايا، ولهم التجمل في زيهم جميعه من المأكول والمشروب، والملبوس والمركوب، وما منهم إلا من يأنف أن يذكر الدرهم في معاملته بل لا معاملة بينهم إلا بالدينار وهو مسمى عندهم بالرائج، عندهم ستة دراهم، هو معاملة تلك المملكة إلا بغداد وبلادها «١» وخراسان.

فأما معاملات بغداد فستأتي في مكانها، وأما خراسان فدينارها أربعة دراهم، كما تقدم ذكره في مملكة ما وراء النهر، وفي بعضها هذا الرائج.

ولنرجع إلى ما كنا في ذكره من أمور توريز، فذكرنا أنها مدينة ليست بخارقة في الكبر، ولا لها حواضر في خارجها، وهي اليوم أم إيران جميعا لتوجه القاصد (المخطوط ص ١٠٠) من كل جهة إليها، وبها محط رحال التجار والسفّار، وبها دور أكثر الأمراء الكبراء المصاحبين لسطاتها، لقربها من أوجان، وهي مستقر أكثر أوقاتهم، ويشتد البرد بتوريز كثيرا، وتتوالى الثلوج بها حتى أنه ليتخذ سروات أهلها في أدرهم أدر [١] «٢» مستوية لا انفراج «٣» وفي سقوفها ولا في دوائرها ولا ضوء لها إلا ما تؤديه طاقات حيطانها من وراء الزجاج المركب عليها.

وأما السلطانية فأوسع بقعة وقضاء وأكثر فاكهة وماء، وهي مع كون بعض سلاطين هذا البيت أنشأها، إلمامهم بها أقل من توريز، وبها قلعة مبنية مرجلة على بسيطها، فأما الموجود بتوريز وبالسلطانية من الفواكه فمن أنواعها خلا ما لا يطلع في البلاد المفرطة البرد كالأترج والنارنج والليم والليمون والرطب والقصب والموز، وما يجري هذا المجرى، فإنه لا يجيء إليها إلا محمولا من العراق، هي بلاد ما


[١] أدر جمع مفردة دار، وتجمع دور وأدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>