وأدنى سراري من سرائر قلبه ... فلم يبق من دون الضّميرين حاجب
وكان عصا موسى لديّ وداده ... أصلّي ولي ما عشت فيه مآرب
ولا عجب أن غيّر الدّهر صاحبا ... وكل تصاريف الزّمان عجائب
وما كان ذنبي غير أني ذخرته ... لدهري إلا أنّي للدهر تائب
ولست على هجرانه الدّهر ناكبا ... على الودّ لكني على الوصل ناكب «١»
سأمنحه هجرا كما هو مشته ... فإنّي فيما يشتهيه لراغب
وإن هو بعدي جرّب النّاس كلّهم ... ليحظى بمثلي قد رمته التّجارب
وله أيضا: [الطويل]
قدمت فلم أترك لذي قدم حكما ... كذلك عادى في العدا والنّدى قدما
إذا وطئ الضّرغام أرضا تطانفت ... خطا وحشها عنه فوسّعها هزما «٢»
كما مرّ باز بالفضاء محلّق ... رأته بغاث الطّير حتفا لها حمّا
وإن أك في صدر من العمر شاردا ... فكم نفر عن همّتي لقن الهمّا
سبقت إلى غايات كلّ فضيلة ... تعزّ على طلّابها العرب والعجما
وملّكني رقّ المناقب أنّني ... أحطت بآداب الورى كلّها علما
فما منصب ممن ترقّت به العلا ... ترى فرقه من أخمصي فوقه وصما
أبى لي مجدي أن يراني شاعرا ... يريه منانا أخذ جائزة غنما
ولكنّني أهدي الثّناء لأهله ... وأكبره عن أن أملّكه قدما
فآونة نثرا يحلّ [به] الحيا ... وآونة تنشا العقول بها نظما
قريضا هو السّحر الحلال بيانه ... تروق معانيه ولو ضمن الشّتما
تعظّم إلا عن عظيم محلّه ... يعظّم ما فيه من الحكمة العظمى
هو الفضل في الإنسان أمّا أعزّه ... فنقص إذا ما سامه الذلّ والهضما
ولولا على الملك الّذي عزّ مثله ... على الدهر فرّخشاه ذي الشرف الأسمى