ومذ قيل لي تشكو سقام جفونه ... تغيّض بي وجدي وجفّ غرامي
فقير غريب في المناصل حمرة ... وغير عجيب في الجفون سقام
وكتب إليه ركن الدين الوهراني:
وصلت رقعة مولاي تاج الدين أطال الله بقاه بلفظ أحسن من نور يفتحه الصّبا، وخط كبيض العطايا في سواد المطالب. يشهد من رآه وسمعه أنه رجل عليّ الهمّة، ريّان من الحكمة والأدب. ولولا تفاضحه في أول لفظه فيه، وهي قوله: ما نقبا، فإنّها وإن كانت فضيحة عربية نطق بها الكتاب العزيز فإنها تقبله الحركة قليلة الاستعمال، لم يأت بعدها ما يناسبها من اللغة، كأنّها من حديث سكان نجد وتهامة، عليها روائح الشيح والقيصوم «١» .
فلو أنّ الشنفرى يخاطب عمر بن برّاق بها فما فهمها إلا بعد جهد جهيد. إنّها لا ينطق بها اللسان حتى ينخلع منك الفك مع ما فيها من الندّ يصرم، والرفاعة المعجونة بالتبصرم ولأجل ذلك جاوبتها الألسن بأنواع من الضراط.
فصل منها:
وأما كلامه على بيت المتنبي فلله درّه لقد جاءه ثابت الأصول سالم الفصول في نهاية ما يكون من الحسن والإتقان، وفرح الخادم به فرحا عظيما، كالخصيّ المفتخر بإحليل مولاه، وعرضه على طالبيه من أهل الأدب، فانتقده عليه أفضلهم وزيّف أكثر كلامه. وقال: المتنبي في واد وهذا المتكلم في واد. لعمري لقد حكم بالشهوة ومال مع الهوى:[الكامل]
كضرائر «٢» الحسناء قلن لوجهها ... حسدا وبغيا إنه لدميم
حتى سجد له عجبا، وقام به وجدا. ورقص عليه طربا. والفضل ما شهدت به الاعداء.