للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحمد لله الذي حقّق فيه الأمل، ونصر به الخاطر، ولم يخيّب فيه الظنّ والسلام.

فصل منها:

أليس يعلم بسعادته أن الإنسان إذا تعصب لا يحسن العالم جعله أوحد الزمان، ونصر بخاطره بالحق الباطل. ولا يشتهي أن يظهر من ذلك الشخص إلا الحسن الجميل؛ فلأجل هذا عيب عليه الخادم في قوله: تحرّك الحار العزيزي وشاه ظهور ذلك ما كان يحتاج إلى تأكيد. وأظنّه، ودام الله عزّه، خاف أن يقول: الحرارة العزيزية، فيشبه كلامه كلام العامة والسّوقة، وكوادن «١» الأطبّة، وجهّال الطبيعيين، فتخطّى هذه الطبقة إلى رتبة الفارابي وابن سينا، فحمل على أفلاطون عشرة آلاف حمار. يا مولاي تاج الدين لا تجرد على المدين الأنجس.

فصل: وأما تعريضه لخادمه بالقيادة وعتبه له على زواج النساء العواهر، فسيدنا معدود في ذلك؛ لأنه لم يذق حلاوة هذه الصناعة ولا تطعّم بنعيمها. ولو أنّه، أدام الله عزّه، خرج من بيته يوما، ولم ينزل لبيته إلا ثمن الخز والخبز، ورجع بعد ساعة وجد فيها المكائب الرفخة والسنبوسك المورّد والفراخ المصوص، والدجاج المسمّن والقناني المزوّقة والفاكهة النبيلة، والرياحين الطريّة، فيربع في الصدور، وجلس على بطون الفرش. وظهور المخادّ وهشم الثرائد، وفقء عيون البيض، وقطع قلوب الخسّ وأخذ الملآن وردّ الفارغ. واقترح الأصوات، واستعاد الغناء. ولم يخرج في هذا كلّه إلا التغافل وحسن الحظ، وقلّة الفضول لعشق هذه الحالة.

ودخل فيها بجملته، وسأل الله تعالى أن يحييه قوادا ويميته قوّادا ويحشره في زمرة القوادين. ويظن الخادم فيما يتلوه عليه من الأساطير كجالب التمر إلى هجر «٢» . وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه. [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>