وابن اللّبون إذا ما كنّ في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس «١»
ومهما فضّل من جهل النساء العواهر الحسان فلا يجهل أن أكل الحلاوة مع الناس خير من أكل الجزاء مفردا.
فصل: وأمّا اتّهامه للخادم بأنه استقرض منه البقيار «٢» للبيع أنّه استعرض به للطلب، فقد حلف على نفي التهمة، وهو لا يصدقه، فما بقي إلا الكلاب على عيال من رآه أهلا لذلك قط. ويحمل الحمير على أم الذي يعطيه إيّاه أبدا. ولا شك أن الخوف على البقيار غلب عليه، حتى لو كتب إليه الخادم لا إله إلا الله. قال: هذا تعريض بالبقيار، كما قال تعالى:«يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ «٣» »
، إذا رأى غير شيء ظّنه رجلا، فكيف يجوز للوهراني أن يطلب بقيارا جديدا من رجل بغدادي الحسب، تاجر المكتسب أشعري المذهب. كندي الأصل. وهذه الخلال لا تجتمع في كريم قط. ألا ترى أن أول من اجتمعت فيه ملك كندة امرؤ القيس بن حجر، وهو القائل يوم دارة جلجل، وقد نحر ناقة تساوي ثلاثة دنانير لنساء فيهن محبوبته:[الطويل]
ويوم نحرت للعذارى مطيّتي ... فواعجبا من رحلها المتحمّل
فلو كانت محبوبته عاقلة شحّمت وجوه العذارى بشحمها، وأدخلت ما بقي منها في استها. وهذا أبو الأسود الدؤلي شاعر مفلق، وهو أول من تكلّم في النحو. خرج ليلة من داره فسمع حمارا له يعتلف، فقال: إني لنائم في فراشي وأنت تسرّي «٥» في مالي؟ والله لا بقيت لي في ملك. وأصبح به إلى السوق فباعه بأبخس الأثمان. وهذا أبو الطيب المتنبي،