شاعر كندي، لمّا أفرغت بين يديه الجائزه المشهورة، وأمر بردّها إلى كيسها، فعلقت قطعة منها في خلال الحصير، فجعل يعالجها ويقول:[الطويل]
تبدّت لنا كالشّمس تحت غمامة ... بدا حاجب منها وطنّت بحاجب
ولمّا ظفر بها، وخاف العتب من الحاضرين، قال: لا تحقروها فإنّها تحضير المائدة. فكان عذره أنجس من ذنبه. ولو بيع هذا لطال، ودع عنك هذا كله لو كان الخادم ممّن يهون عليه التبذل لكدي بني شادي الذين هم فتيان الجود وبرامكة الزمان، لا سيّما المولى عزّ الدين أدام الله نعمته، الذي يمينه أندى من الغمام، وعزيمته أمضى من الحسام، ووجهه أبهى من البدر ليلة التمام. وهو على الحقيقة نهر للجود من ماء السماء ابن بحر السماح. [الكامل]
ورث المكارم من أبيه وجدّه ... كالرّمح أنبوب على أنبوب «١»
وأي رجل أخسّ وأعتى من رجل يكدي الكندي الذي لقبه أبى أن يأخذ ويترك المولى عزّ الدين الذي لقبه أبو المواهب. وما هو في ذلك إلا كرجل ورد على هذا النيل فتركه ناحية، وحفر إلى جانبه في أرض صلبة سبخة كبريتية، لعلّه أن يخرج له ماء ملحا زعاقا «٢» ، ويترك الماء العذب الزلال بغير كلفة ولا عناء. وأنشد:[المتقارب]
كأني أدام الله عزّه إذا قرأ هذا البيت قال: أحسنت. وهذا ممّا كنّا فيه، لمّا يئس من العبد رجع إلى المولى. والله لا تمّ لي معي مضرب أبدا يئيس الأمن، كما ظنّ. والوهراني ما هو مجنونا يطمع فيّ فيمن يسمع قولك. ويرجع إلى رأيك، وأنت الغالب على أمر، امرأة الواهراني طالق ثلاثا البتة، لا آخذ منه درهما أبدا. وأشهد أنّ ماله عليه حرام، كالدم والميتة ولحم الخنزير.