فاعص اللوائم في هواك فإنّما ... رشد المتيم أن يعاصي اللوّما
واشرب على زهر الربيع مدامة ... كالشمس تبدي المرح فيه أنجما
أو ما ترى نوّاره وكأنه ... نشوان أصبح باكيا متبسّما
رقد النسيم بجانبيه فنبّهت ... أنفاسه منه عيونا نوّما
وسرى ينمنم وشيه فحسبته ... وافى بأخبار الأحبّة نعما
صقلت حواشي روضه فكأنّه ... من حسنه قد همّ أن يتكلّما
وكأنما ورق الحمام فواقد ... في الدوح يبكي النائح المترنّما
تشدو فتخبر مغرما عن مغرم ... فيها ويفصح معرب عن أعجما
بدع كبدع في السما حديثه ... كالغيث أنجد في البلاد وأتهما
أضحت أغضّ من الصبا وألذّ من ... شكوى المحبّ إلى حبيب أنعما
ملك له المجد القديم وكلّما ... قدمت مباني المجد أصبح محكما
متواضع وأقلّ ما يعتدّه ... فيه التواضع أن يكون معظّما
إن ضاق دهر كان مسرح همّه ... رحبا وإن عيش الزمان تبسّما
فإذا ارتقى من قلّة من سؤدد ... هتفت به أخرى لكي يتقدّما
راض الخطوب الجامحات فاصبحت ... وأعاد منأدّ «١» الزمان مقوّما
وتآلفت فيه القلوب فما ترى ... منهن إلا منبيا ومعظّما
تتلو الصوارم والقنا غبّ القنا ... في كفّه مفلولة ومحطّما
في كل أرض قد أقام لنصره ... عرسا ومن زاد الأعادي مأتما
تلك النواحي من نصيبين غدت ... غيرى وأم النشر ثكل أيّما
فالجوّ أكلف والجناب لحربه ... مجل وضوء نهارها قد أظلما
جور الصوارم في البرية عادل ... فإذا سفكن دما حقنّ به دما
لا يدرك الآمال من يقتاده ... وسن التعلّل نحو ليت وعلّما
هذا النبي وكان أفضل مرسل ... زجرت قريش منه طيرا أشأما