للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعمل في هذا المعنى شيئا. ثم قال: أزيدك شيئا إنني لأضرب عن الفكر؛ لتوهمي ربّما خطر ذلك بباله فيخجل منه.

فقلت له: يا سيدي، وإلى هذه الغاية؟ فقال: نعم. فعملت هذه الأبيات: [البسيط]

إني لأنساه خوفا أن يلمّ به ... فكري فيخرج منّي الفكر خدّيه

وأمنع الطرف يوما أن يلاحظه ... فإنّ سهم المنايا بين عينيه

هذا اعتذاري لخدّيه ومقلته ... فما يكون اعتذاري من عذاريه

قال معلّقه: كتبت إلى بعض إخواني في يوم دجن، وكان قد وقع فيه الميلاد، واتّفق أنه يوم سبت، ولم أقدر على الخروج من منزلي من كثرة الوحول والمطر، وشدّة القرّ. حبانا الله بلقيائك، وأحيانا ببقائك يوم طلعت سعوده وغاب حسوده، وتبرقعت بدجنّه شمسه، وانهزم من طلائع إقباله نحسه، ورقّت حواشيه، أمنّا رقى واشيه. لم يقترح مثله على الدهر مقترح، ولا ظفر بشكله مغتبق «١» ، ولا مصطبح. [البسيط]

سبت ودجن وكانون وميلاد ... وماجن لرياض اللهو مرتاد

وقهوة من محيّا من كلفت به ... أو كاعتقاد خليع فيه إلحاد

رقّت وراقت فخلنا أنها شفق ... ملألئ في نواحي الكأس وقّاد

تذكو فيطفئها بالمزج آونة ... عنّا ويجمح أحيانا وتنقاد

يسقيكها ذو دلال في لواحظه ... برء وسقم وموعود وإبعاد

ومجلس ظل محفوفا بأربعة ... تآلفت وهي في الأوصاف أضداد

فالبرق مبتسم والغيث منسجم ... والورق نائحة والغصن ميّاد

فوافيا دار تشويق يحط به ... موسوس همّه نسك وإرشاد

فليس يحظى بصفو العيش غير فتى ... يفنى بطالبه غيّ وإفساد

ولا يصاحبك من هذا الورى أحد ... إلا خليع وخمّار وقوّاد

عصابة رغبت فيما تعجّل من ... هذي الحياة وفيما قيل زهّاد

<<  <  ج: ص:  >  >>