التصرف في خدم السلطان وخدم الملوك منذ حلّوا تلك الأوطان، فألقى إليهم رحل رحلته، وجمع شمل شملته وأقام بينهم يرفد بالجنى الموفور، ويولي الأيادي التي ما استدت إليّ كنور وله فيهم مدائح كنت وقفت على بعضها، ووقعت بين دارين والشر في أرضها وفيما وقفت له على قصيدة وصف فيها طير الواجب تحرك إلى البزز لرمي البندق سواكن الهمم، وبعيد نشاط الشباب لأهل الهرم لعنة كانت لسببه هذا البيت في رمي الطير الجليل والخروج إليه بالصاحب والخليل.
وأولها:[الكامل]
ركب الدّجى لا يرهب الأخطارا ... ودنا على بعد المزار وزارا
ومن نثره من قدمة كتبها للصدر شرف الدين أبي الفتح أحمد ابن السيرجي أولها:
الحمد لله مسخّر الطير في جوّ السما، ومحيي الأرض بما منّ عليها من النعما. الواجب وجوده، فلا يغير بخلقه. المانّ بجوده، وكل حيّ يرزقه، المتفضّل على عباده بمحاسن الأخلاق، المتكفل الأجناس مخلوقاته بإدرار أنواع الأرزاق، الحاكم بإقعاد من انتهك حمى حرمه، القادر على إسعاد من تعرض لكرمه.
ومنها: فالربيع يكسب الأرض برطوبته جمالا وزخرفة، ويلبس الأرض من صنعة يد الشتاء حللا مفوّفة «١» ، وأشجاره ترشح من عيونها بماء ورد، وأشجاره تتنفّس فتخال تنفسها عنبرندّ؛ حتى كأن الجوّ عطار يعدّ طيبا والهزار قد أقام على رؤوس الأغصان خطيبا. ومخايل الأوراق قد لاحت على تلك الخمايل والورق قد غنت على عيدانه والغصن مايل، والروض قد وردت عليه من جداوله مسائل. والشتاء يجود على البطحاء بجود تهطّله، وتعقب ظله يصيب وبله. وترى سنا برقه بين رعد وسحاب، وتزخ دموعا شوقا لأيام الشباب، كأن السماء والرعد فيه تذكر أهوالهما فاستعبرت وتنهّدا.
ومنها: ولمّا كان فلان ثمرة غصن زكت مغارسه، ودرّة بحر قذفت نفائسه، وزهرة حديقة أينعت أرجاؤها، ونجل رئاسة تشرّف آباءها أبناؤها، من نسب يعقد بالنجوم دوالبه، وحسب