النحاس كثيرا، وأخذ عنه كتب الأدب. وقرأت عليه الأشعار الستة، والفصيح لثعلب والمقصورة لابن دريد، وشعر أبي تمام إلى آخر المديح. وكتبت عنه من أخبار العرب وأدباء الأندلس وفوائد الأئمة شيئا كثيرا. وكانت المراجعات لا تكاد تنقطع بيني وبينه.
كتبت إليه:
يقبل البساط المنيف، بل البساط الشريف لا زال فوق السها «١» ، وفي الغاية التي لا تبلغ إلى منتهى، ويسأل في شيء مما سمح به فكره، وقذفه في البحر درّه من النثر الذي لا يقدر عليه في النظم المحضور بالقوافي، المقدور بالميزان. ولا يمكن الترجيح في وزنه الوافي؛ ليثبته في مكانه، وينبته روحا مثمرا في بستانه والمسؤول منه ما هو من الدرّ أعلى قمة وأخف حملا؛ مع التعجيل ببرقه المومض وودقه الذي لساعته يرفضّ «٢» ؛ فإن الدفتر قد خرج صدره لكنه في شفافه، والناسخ قد فتح فاه لالتقافه، والقلم قد سابق البيان لا ختطافه، والسمع قد علّق مقطفه لاقتطافه، والمراد الإسراع قبل غلبة السكر بما يمنى من سلافه.
وبلّغت من عمري ثمانين حجة ... وسبعا أرى الأشياخ ليست كما هيا
وفي عيبتي اليسرى وفي شقّ هامتي ... وقلبي فكر يترك الفكر نابيا
ولا نظم إلّا بانتظام منيّتي ... ولا نثر إلّا بانتثار عظاميا
أيها الإمام اكفف عن عزمك فما نحن من ضربك من باراك بالنظم حتى بأبهى درّه، وجعلته يرفل في أسنى حبره، فأنت أشعر هذا الجنس، بل أنت أشعر الجنّ والإنس. إن أوجزت أعجزت، أو أسهبت دهيت، أو مدحت أعليت، أو قدحت أوريت.
وكتب من نثره قوله: وقد استوحش المملوك لمولانا عند التفرج في مصر ونيلها، وحادرها وحيلها، وبهجتها وخيرها، والصور المتولدة بين الترك وغيرها التي يجول السحر في