منزلة الإنسان «١» ، والذهب الإبريز من العين. وقضت بالتمييز على ذوي التبريز، وبالاختيار على ذوي الاختبار. تطرب الأسماع للسامع، وتحسد العيون عليها المسامع، وكالحميّا «٢» شجت بماء غمامها، والثريا علّقت في مصامها. فكأن سامعها لا لتذاذه في أغناء الفجر، ووصل الحبيب بعد الهجر، يتوقل «٣» منها نوعا نوعا، ويتعجب منها بما جمع فأوعى، ويوشّيها ما كان مرتّقا، وسبق إلى أعلى مرتفقا، وأضحى بها الفرد الذي لا نظير له في الاجساد، والأوحد الذي يرى فضله على الأنداد والأضداد.
أما السيد عينه في قديم شرف ارتجاه الأكابر باتساق رباه، وفنيت المحابر في وصف محاسن محيّاه. تضمّخ النادي بنشره «٦» ، وأعلن المنادي بنشره «٧» ؛ فهو الشرف المشهد، والمحتد الذي شرف به المشيّد؛ ولكنها السيادة إلى مدى ما تحلت به المآثر، وتجلب به من المفاخر، ويظهر به من الأدب الغضّ ما يقال فيه، كم الأول للآخر، ولا يمكن أن يعصى الأمر، بل يمتثل ما رسمت به الأوامر.
وكان شيخنا أبو حيّان رحمه الله قد ذللت له صعاب اللغات فاقتادها بأعناقها، وجذبها أخذا بدائرة نطاقها. وتعدّى لغة العرب إلى العجم، فصنّف عدة كتب في تراجم اللغات المختلفة، والتزم فيها بالصحيح. وإن من تكلم فيها بلغه من تلك اللغات