للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهأنذا أرسلت سهوا رسالة ... يخبّطه مسّا ويربطه شدّا

يطوف به بحرا وبرّا إذا أتى ... بذنب فقد ألقى بها هائما بردا

يعلّم فيه النحو من كان من بني ... أبي مرّة عندى الطلى بدنا مردا

فيعنى بمرد الجنّ عن مرد إنسنا ... ينادمهم فيما أعاد وما أبدى

وما الشعر والآداب إلّا فكاهة ... ترى الجدّ هزلا أو ترى هزله جدّا

ومن لم يكن في طبعه أدب فما ... يلذّ به أن سمعه عنه قد سدّا

ومحكم نفح للكلام هو الذي ... يقلّب في أنواعه باذلا جهدا

يقبّل روض العلم أحصله الندى ... فيقطفه زهرا وينشقه ندّا

وينظم ممّا كان نثرا وينشر الّ ... ذي كان نظما سالكا منتهى قصدا

فلا بمدال اللفظ سوقية ولا ... بحوشية قد بات ينحته صلدا

ولكنّه سهل المناحي لطيفه ... فلذّ به سمعا ويرشفه شهدا

ومن حاز آدابا وعلما وسؤددا ... يكن كابن فضل الله أسنى الورى حدّا

على أنه لا مثل أحمد في الورى ... أعزّهم نفسا وأشرفهم جدّا

وأوقدهم ذهنا وأنقدهم لغا ... وأبعدهم صيتا وأقربهم ودّا

يلوذ الندى والعلم والحلم والتقى ... بحقويه «١» لا يلقى له أبدا ندّا

غنيّ بأوصاف الكلام فلا يرى ... يريد بمدح لا تجارا ولا مجدا

فوقفت على هذا الجواب، ورأيت السكوت الصواب؛ إذ لا يمكنني الممالاة عليهما، لا سيّما وهما أبريا. ولا الممالاة على الشيخ لما يقتضيه الحيا. واضطربت على القصيدة صفحا، وأضرمت خاطري فتآكل بنار لفحا. وخفت أن يؤدي الفحص إلى معرفة الشخص، فحيل الوفاء بالضمان، وبحل ما عقد الزمان. وقلت للرسول الحامل بصحيفته ما لا يحضرني الآن نصه، ولا أعرف كيف كان عنقه ونصّه؛ إلّا أنّ معناه المباسطة، وباطنه للمغالطة؛ خشية على تلك الشياه من ذلك الذئب الغائب والرجل المغايب. استغفر الله، بل الأسد الملتقم

<<  <  ج: ص:  >  >>