قال: وأخبرني غير واحد عنه أنه لم يزل عنده في بيته من الطلبة ومن أصحابه من يأكل عنده على ما يديه، ولا يدخر شيئا، ولا يخبئه عنهم. ويدخل الداخل عليه فيجد في بيته هنا أناس يلعبون بالشطرنج وهنا أناس يطالعون وكل واحد في شأنه، لا ينكر أحد على أحد شيئا، ولا يزال رضيا حتى يكون وقت الاشتغال فيتنكّر. وكان ربّما تنسّم فقام وأكمل إلقاء الدروس للطلبة بين القصرين وهم يمشون. وكان لا يتكلم في حلّ النحو إلّا بلغة العوام، لا يراعي الإعراب.
قال شيخنا أبو حيّان: كان بهاء الدين ابن النحاس، ومحيي الدين محمد بن عبد العزيز الماروني، المقيم بالإسكندرية شيخي الديار المصرية، ولم ألق أحدا أكثر سماعا منه لكتب الأدب. وانفرد بسماع الصحاح للجوهري. وكان ينهى عن الخوض في العقائد، ويتردد إلى من ينتمي إلى الخير. ولي التفسير بالجامع الطولوني وبالقبة المنصورية، والتصدر بالجامع الأقمر وتصادير بمصر، ولم يصنف شيئا إلّا ما أملاه على سنان الدين الرومي شرحا لكتاب المقرّب، إلى أول باب الوقف أو نحوه. وكنت أنا وإيّاه يمشي بين القصرين فعبر علينا صبي يدعى بجمال وكان مصارعا، فقال ابن النحاس: لينظم كلّ منّا في هذا المصارع. فنظم ابن النحاس:[البسيط]