والاقتداء بالمتقين الخاشعين المهتدين المصلحين من عباد الله.
وأما في الآخرة: فاستمع- يا أخي الكريم! - إلى قول الله تعالى في حديثه القدسي الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه. وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه: فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه) رواه البخاريّ.
وقوله سبحانه في هذا الحديث:" آذنته" أي: أعلمته بأني محارب له. وأي حرب أشد من حرب الله تعالى، ومن يطيق حربه سبحانه وتعالى؟. وما أعلن سبحانه وتعالى الحرب إلا على طائفتين:
أما الحرب الأولى ففي قوله تعالى في حق آكلي الربا: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ
سورة البقرة- الآيتان ٢٧٨- ٢٧٩".
وأما الحرب الثانية: فكانت على آكلي لحوم الأولياء، الواقعين في أعراضهم، كما جاء في الحديث القدسي السابق. نعوذ بالله من الخذلان، ونسأله السلامة من العصيان، والعفو والعافية إنه كريم منان.
فحذار يا أخي المسلم الحبيب! من الوقوع في أعراض إخوانك من المسلمين عامة، فضلا عن أعراض الصالحين من عباد الله المخلصين، وأوليائه العارفين، فتقع في المحذور، وتندم حين لا ينفع الندم، فإن لحوم هذه الطائفة الشريفة مسمومة- كما قيل- لا ينالهم أحد إلا وأصابه الخزي في الحال والمال والمآل، ويخشى عليه من سوء الخاتمة والعياذ بالله، فسلّم تسلم، وإياك والاعتراض إلا على الكفر البواح، وإذا ورد عليك من كلامهم أو أحوالهم ما