فاس، وعلماء جامع الزيتونة في تونس، وشيوخ المسجد الأموي في دمشق، جميعهم- رضي الله عنهم- كانوا من شيوخ التصوف، وسيرتهم وجهادهم معروفان لكل ذي عقل.
كانوا رضي الله عنهم أهل الفتوة والزهد، قادوا حركات التحرر، وخاضوا الحروب ضد الاستعمار، كما خاضها من قبلهم ضد التتار والصليبيين وغيرهم من أعداء الإسلام حتى رفعوا راية الدين عالية في كل أصقاع العالم.
وفي وقتنا الحاضر في البوسنة والهرسك، والشيشان، وقبلها أفغانستان- أيام الاحتلال السوفيتي البائد- ما قاوم الأعداء كما قاومتهم الطرق الصوفية، وأهل الله المجاهدين العارفين المتقين. ولست في هذا مدعيا، وما أتيت بهذا من عندي إنما أذكر ما تناقلته وكالات الأنباء من تقارير إخبارية مصورة، قيّض الله لها من نشرها عبر الفضائيات ليراها كل ذي عين، ويسمع بها كل ذي أذن.
فكانت مدارس السادة الصوفية الصادقين، العاملين بالكتاب والسنة، كانت مدارسهم مدارس تربية روحية، وتربية إيمانية، وتربية أخلاقية، وتربية سياسية، وتربية عسكرية جهادية، خاضوا بمريديهم معارك النضال، ضد الشيطان، وأتباعه من الإنس والجان، ولو لاهم لما وصل الإسلام إلى أقاصي العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، حملوا راية الإسلام بيد، وجاهدوا أعداء الله من الكفرة بيد، حتى دحروا الأعداء، وأشرقت بهم الدنيا، وعاش العالم فترة ذهبية ما عرفها إلّا تحت ظل الإسلام الذي أتوا به مبشرين، وبأخلاقه عاملين، وبدعوته هادين مهتدين. فرحمهم الله وأجزل لهم المثوبة والجزاء.
ثم أتى ناس- في أيامنا- فوقعوا في أعراض أولئك الرجال القادة، والمصلحين السادة، وادعوا شبههم- ولا نسبة في الشبه-، وتقوّلوا على سادة الأمة أقوالا شنيعة، فكانت مقالتهم وبالا عليهم في الدنيا والآخرة.
أما كونها وبالا في الدنيا: فقد حرموا بها خير السلف الصالح وبركتهم، وسرهم،