جديدا لا يوجد في غيره، وأدلّ دليل على ذلك أن كتاب" مسالك الأبصار" هذا يعتبر من المصادر التي رجع إليها كثير من العلماء والمصنفين الموسوعيين أمثال القلقشندي في كتابه" صبح الأعشى" وارجع إن شئت إلى فهرس" صبح الأعشى" للعلامة القلقشندي، وانظر كم استغرقت أرقام الإحالات إلى مسالك الأبصار هذا من صفحات.
ولا بد هنا من كلمة حول الموضوع الذي تناوله هذا الكتاب والذي تضمن ترجمة رجال التصوف وأقوالهم- رضي الله عنهم- ذلك أنه خلف في هذه الأمة خلق أفرطوا في الإساءة إلى أهل تلك الطريقة الشريفة، وتنكبوا عنها، ونفّروا الناس منها، وإن أمة يلعن آخرها أولها إنما هي أمة لن يكتب لها نصر ولا عز ولا تستحق الفخار، وأي مصيبة أدهى من أن تشتم أمة خيارها، وأجلّاءها، ومعقد عزها، وبركة وجودها من سلفها الصالح؟!.
والحقيقة التي لا ريب فيها أن تلك الطريقة الشريفة- أعني التصوف- قد دخلها- كما يدخل غيرها من المدارس- من أساء إليه، وعكّر صفوه، ومن بدّله فإنما إثمه على الذين يبدّلونه، لكن أصل الطريق واضح، عمادها الكتاب والسنة، وأقوال الأئمة العارفين، والمربين الصادقين، من الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان.
فالصوفية الحقيقيون رهبان بالليل، فرسان بالنهار، قدوتهم وأسوتهم العليا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم صحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، فكانوا بهذه القدوة أهل الفداء، والتضحية، والجهاد في سبيل الله تعالى، وإقامة شريعته، وكانوا أهل الرباط في سبيله على مر العصور والأزمان والأجيال، فهم- رضي الله عنهم- أهل العلم والجهاد، منذ القرون الأولى وحتى أيامنا هذه، وما أصحاب الثورات ضد الاستعمار الفرنسي، والانكليزي، والإيطالي وغيره من المستعمرين في بلاد الشرق والغرب، ببعيدين عنا؛ فها هو الشهيد السعيد عمر المختار، والشيخ عبد الكريم الخطابي، والشيخ عبد القادر الجزائري، والشيخ عز الدين القسام، وشيوخ الأزهر في القاهرة، وشيوخ جامع القرويين في