للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال إبراهيم بن أدهم: مررت براهب في صومعته، والصومعة على عمود، والعمود على قلّة «١» جبل، كلما عصفت الريح تمايلت الصومعة. فقلت: يا راهب! فلم يجبني. ثم ناديته ثانيا، فلم يجبني. فقلت في الثالثة: بالذي حبسك في صومعتك إلا أجبتني.

فأخرج رأسه من صومعته، فقال: سمّيتني باسم لم أكن له بأهل!، قلت لي: يا راهب!، ولست براهب، إنما الراهب من رهب ربه عزّ وجلّ. قلت: فما أنت؟. قال: سجنت سبعا من السباع. قلت: ما هو؟. قال: لساني سبع ضار، إن أنا أرسلته مزّق الناس.

يا حنيفي! إن لله عبادا سلكوا خلال دار الظالمين، واستوحشوا من مؤانسة الجاهلين، وشابوا ثمرة العلم بنور الإخلاص، هم- والله- عباد كحّلوا أبصارهم بسهر الليل، فلو رأيتهم في ليلهم، قد نامت عيون الخلق وهم قيام على أطرافهم، يناجون من لا تأخذه سنة ولا نوم.

يا حنيفي!، عليك بطريقهم. قلت: فعلى الإسلام أنت؟. قال: ما أعرف غير الإسلام دينا، ولكن عهد إلينا المسيح عليه السلام، ووصف لنا آخر زمانكم، فخليت الدنيا، وإن دينكم لجديد، وقد خلق.

وقال إبراهيم: رأيت في المنام كأن جبريل- عليه السلام- نزل إلى الأرض، فقلت له:

لم نزلت؟. قال: لأكتب المحبين. فقلت: مثل من؟. فقال: مثل مالك بن دينار، وثابت البناني، وأيوب السختياني، وعدّ جماعة. فقلت: أنا منهم؟. فقال: لا. فقلت: فإذا كتبتهم، فاكتب تحتهم:" محب المحبين". فقال: قد أمرني الله تعالى أن أكتبك أولهم.

وقال:" نعم القوم السّؤّال «٢» ، فإنهم يحملون زادنا إلى الآخرة".

وروي عنه أنه قال:" ما سررت في إسلامي إلا ثلاث مرات:

<<  <  ج: ص:  >  >>