فسكت ساعة ثم قال:" اللهم اضربهم بسياط الخوف، واقتلهم بأزمّة الشوق، وافنهم عن مؤالفات الرسوم، وأغنهم عن ملاحظات الفهوم. اغفر لهم إن انصرفوا عنك، ووفقهم إن أقبلوا عليك، خرّب منازل فنائهم، واعمر منازل بقائهم، وكن لهم كما لم تزل، اشغل اللهم الكل بمفارقة الكل".
ثم أنشأ يقول:
الناس كلهم بالعيد قد فرحوا ... وما فرحت به، والواحد الصمد
لما تثبتّ أني لا أعاتبكم ... غضضت طرفي فلم أنظر إلى أحد «١»
ثم قال:" إلهي طموح الآمال قد خابت إلا لديك، وعكوف الهمم قد تعطّلت إلا عليك، ومذاهب المعارف قد قصرت إلا إليك".
وكان ابن بشار نهى الناس عن الذهاب إلى الشبلي والاستماع من كلامه، فلقيه يوما، فجعل الشبلي يكلمه، وابن بشار يقول: كم من خمس من الإبل؟!. فلما أكثر، قال له الشبلي: في واجب الشرع شاة، وفيما يلزمنا: كلّها. فقال ابن بشار: لك بهذا القول إمام؟.
قال: نعم، أبو بكر الصديق رضي الله عنه، حيث أخرج ماله كله، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما خلّفت لعيالك؟. قال: الله ورسوله. فذهب ابن بشار ولم ينه عن مجلسه بعد ذلك.
وسئل الشبلي عن قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ
«٢» ؟.
فقال:" أبصار الرءوس: عما حرّم الله. وأبصار القلوب: عما سوى الله عزّ وجلّ «٣» ".
وقال الشبلي:" كنت يوما جالسا فجرى بخاطري أني بخيل، فقلت: أنا بخيل!.