قال السلمي: هو من مشايخ بغداد، له لسان عال في هذه العلوم، لا ينتمي إلى أستاذ، وهو لسان الوقت، والمرجوع إليه في آداب المعاملات، ويرجع إلى فنون من العلم.»
وقال أبو محمد السني- صاحب ابن سمعون-:" كان ابن سمعون في أول أمره ينسخ بالأجرة، وينفق على نفسه وأمه، فقال لها يوما: أحبّ أن أحجّ. قالت: وكيف يمكنك؟.
فغلب عليها النوم، فنامت وانتبهت بعد ساعة، وقالت: يا ولدي! حجّ. رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم يقول:" دعيه يحج، فإن الخير له في حجه". ففرح وباع دفاتره، ودفع إليها من ثمنها، وخرج مع الوفد، فأخذت العرب الوفد، قال: فبقيت عريانا، ووجدت مع رجل عباءة، فقلت: هبها لي أشتريها، فأعطانيها، قال: فجعلت إذا غلبني الجوع، ووجدت قوما من الحاج يأكلون، وقفت أنظر إليهم، فيدفعون إلى كسرة فأقتنع بها، وأحرمت في العباءة، ورجعت إلى بغداد، وكان الخليفة قد حرّم جارية وأراد إخراجها من الدار.
قال أبو محمد السني: فقال الخليفة: اطلبوا رجلا مستورا يصلح [أن تزوج هذه الجارية به]«٢» ؛ فقال بعضهم: قد جاء ابن سمعون من الحج. فاستصوب الخليفة قوله، فزوّجه بها.
فكان ابن سمعون يجلس على الكرسي، فيعظ ويقول:" خرجت حاجّا، ويشرح حاله، وها أنا اليوم عليّ من الثياب ما ترون" «٣» .
قال البرقاني:" قلت له يوما: تدعو الناس إلى الزهد، وتلبس أحسن الثياب!، وتأكل أطيب الطعام، فكيف هذا؟!.
فقال:" كلّ ما يصلحك لله فافعله، إذا صلح حالك مع الله."«٤»
" ولما دخل عضد الدولة بغداد، وقد هلك أهلها، قتلا وخوفا وجوعا، للفتن التي اتصلت