فيها بين الشيعة والسنة، فقال: آفة هؤلاء: القصّاص. فنادى: لا يقصّ أحد في الجامع، ولا الطرق، ولا يتوسّل بأحد من الصحابة. ومن أحب التوسل قرأ القرآن، فمن خالف فقد أباح دمه.
فوقع في الخبر: أن ابن سمعون جلس على كرسيه بجامع المنصور.
قال أبو الثناء العضدي: فأمرني أن أطلبه؛ فأحضر. فدخل عليّ رجل له هيبة وعليه نور. فلم أملك أن قمت إليه، وأجلسته إلى جنبي، فجلس غير مكترث، فقلت: إن هذا الملك جبار عظيم، وما أوثر لك مخالفة أمره، وإني موصلك إليه، فقبّل الأرض وتلطّف له، واستعن بالله عليه.
فقال: الخلق والأمر لله. فمضيت به إلى حجرة، وقد جلس فيها وحده، فأوقفته، ثم دخلت لأستأذن، فإذا هو إلى جانبي قد حوّل وجهه إلى نحو دار فخر الدولة، ثم استفتح وقرأ: وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ
. «١»
قال: ثم حوّل وجهه، وقرأ: ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ
. «٢»
[ثم أخذ في وعظه]«٣» ؛ فأتى بالعجب؛ فدمعت «٤» عين الملك، وما رأيت ذلك منه قط، وترك كمّه على وجهه.
فلما خرج أبو الحسين- رحمه الله تعالى- قال الملك: اذهب إليه بثلاثة آلاف درهم، وعشرة أثواب من الخزانة، فإن امتنع فقل له: فرّقها في أصحابك، وإن قبلها، فجئني برأسه، ففعلت، فقال: إن ثيابي هذه من نحو أربعين سنة، ألبسها يوم خروجي إلى الناس، وأطويها