السحاب لم يعبأ بنواله، واستقر له استقرار الجبل لا يعن بزواله، وجاء في عصر مشعشع بالأولياء، وزمان مترعرع بمواليد الأتقياء، وكان دونهم مدلى اللهب، ومواطئ أقدام طائفته منها على أرض من الذهب، ورأوا النار بردا وسلاما فاقتحموها، وخاصموا ألسنتها وألجموها، إلى نهش الأفاعي وقد لفح سمومها، ونفح كالشرار سمومها، يأكلونها أكلا لمّا، ويحبونها حبا جمّا.
هذا وشأن أشياعه حجب العنا، وطل العنا، وغير هذا مما ابتدعوه، وابتدوه، ونسبوه إليه وشنعوه، مما لم يكن عليه، ولا يمكن أن ينسب إليه.
كان- رضي الله عنه- رجلا صالحا، فقيها، شافعي المذهب.
قدم أبوه العراق، وسكن البطائح «١» بقرية يقال لها:" أم عبيدة"- بفتح العين-، فتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد، ورزق منها الشيخ أحمد، وإخوته.
وكان أبو الحسن مقرئا يؤمّ بالشيخ منصور، فمات وزوجته حامل بالشيخ أحمد، فربّاه خاله منصور، فقيل: إنه ولد في أول المحرم سنة خمسمائة «٢» .
ونشأ أحسن نشأة، وانضم إليه خلق عظيم من الفقراء، وأحسنوا الاعتقاد فيه وتبعوه.
والطائفة المعروفة بالرفاعية، والبطائحية من الفقراء منسوبة إليه.
ولأتباعه أحوال عجيبة، من أكل الحيّات وهي حيّة، والنزول في التنانير وهي تتضرم بالنار فيطفئونها، ويقال: إنهم في بلادهم يركبون الأسود، ومثل هذا وأشباهه، ولهم مواسم يجتمع عندهم من الفقراء عالم لا يعدّ، ولا يحصى، ويقومون بكفاية الكل.