وصمت، وضاقت المدرسة بالناس، فكان يجلس عند سور بغداد مستندا إلى الرباط، ويتوب عنده في المجلس خلق كثير، فعمّرت المدرسة، ووسّعت، وتعصّب في ذلك العوام، وأقام فيها يدرّس ويعظ إلى أن توفي. «١»
وقال الشيخ أبو بكر العماد- رحمه الله تعالى-: كنت قرأت في أصول الدين، فأوقع عندي شكا، فقلت: حتى أمضي إلى مجلس الشيخ عبد القادر، فقد ذكر أنه يتكلم على الخواطر، فمضيت وهو يتكلم، فقال: اعتقادنا اعتقاد السلف الصالح والصحابة. فقلت في نفسي: هذا قاله اتفاقا. فتكلم ثم التفت إلى ناحيتي، فأعاده، فقلت: الواعظ قد يلتفت!.
فالتفت إليّ ثالثة، وقال: يا أبا بكر!، فأعاد القول، ثم قال: قم قد جاء أبوك، وكان غائبا، فقمت مبادرا، وإذا أبي قد جاء «٢» .
وقال أبو البقاء النحوي: حضرت مجلس الشيخ عبد القادر، فقرؤوا بين يديه بالألحان، فقلت في نفسي: ترى لأي شيء ما ينكر الشيخ هذا؟.
فقال: يجيء واحد قد قرأ أبوابا من الفقه ينكر!.
فقلت في نفسي: لعل أنه قصد غيري. فقال: إياك نعني بالقول، فتبت في نفسي من اعتراضي، فقال: قد قبل الله توبتك «٣» .
وقال السهروردي: عزمت على الاشتغال بأصول الدين، فقلت في نفسي: أستشير الشيخ عبد القادر؛ فأتيته، فقال قبل أن أنطق: يا عمر!، ما هو من عدّة القبر، يا عمر! ما هو من عدّة القبر!! «٤» .