وقال أحمد بن ظفر بن هبيرة: سألت جدي أن أزور الشيخ عبد القادر، فأعطاني مبلغا من الذهب لأعطيه، فلما نزل عن المنبر سلّمت عليه، وتحرّجت من دفع الذهب إليه في ذلك الجمع، فقال: هات ما معك، ولا عليك من الناس!، وسلّم على الوزير.
وقال صاحب" مرآة الزمان"«١» : كان سكوت الشيخ عبد القادر أكثر من كلامه، وكان يتكلّم على الخواطر، وظهر له صيت عظيم، وقبول تام، وما كان يخرج من مدرسته إلا يوم الجمعة أو إلى الرباط.
وتاب على يده معظم أهل بغداد، وأسلم خلق، وكان يصدع بالحق على المنبر، وكان له كرامات ظاهرة.
وحكى أبو الحسن علي بن قاسم الهكّاري قال: حضرت مجلس الشيخ عبد القادر الجيلي، فوجدت بين يديه غلاما ينشد:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
القصيدة، ثم رأيته ثاني ذلك اليوم، ينشدها بين يديه، فتفكرت في سبب تكرارها، وسألت الشيخ عبد القادر عن ذلك؟.
فقال:" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول الله! أمرت أن تحفظ عنك هذه القصيدة؟.
قال: نعم.
فقلت: يا رسول الله! وهي مدح فيك؟.
قال: نعم، ومن قالها ثلاث مرات غفر الله له، فأحببت بعد ذلك أن أسمعها كل يوم، أو كما قال.
انتقل إلى رحمة الله تعالى في عاشر ربيع الآخر سنة إحدى وستين وخمسمائة «٢» ، وشيّعه خلق لا يحصون، ودفن بمدرسته، رحمه الله تعالى.