ثم قال:" أراد الله مني منفعة الخلق، فقد أسلم على يديّ أكثر من خمسمائة، وتاب على يديّ أكثر من مائة ألف. وهذا خير كثير، وترد عليّ الأثقال التي لو وضعت على الجبال تفسّخت، فأضع جنبي على الأرض، وأقول: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً
«١» ، ثم أرفع رأسي وقد انفرجت عني".
وقال الجبّائي: كنت أسمع في" الحلية" على ابن ناصر، فرقّ قلبي، وقلت: اشتهيت لو انقطعت، وأشتغل بالعبادة، ومضيت، فصلّيت خلف الشيخ عبد القادر، فلما جلسنا، نظر إليّ، وقال:" إذا أردت الانقطاع، فلا تنقطع حتى تتفقه وتجالس الشيوخ وتتأدّب، وإلا فتنقطع وأنت فريخ ما ريّشت «٢» .
وعن أبي الثناء النهر ملكي قال: تحدّثنا أن الذباب ما يقع على الشيخ عبد القادر، فأتيته، فالتفت إليّ، وقال: أيش يعمل عندي الذباب؟ لا دبس الدنيا، ولا عسل الآخرة!؟. «٣»
وقال أبو البقاء العكبري: سمعت يحيى بن نجاح الأديب يقول: قلت في نفسي: أريد أن أحصي كم يقصّ الشيخ عبد القادر شعر تائب؟. فحضرت المجلس ومعي خيط، فلما قصّ شعرا، عقدتّ عقدة تحت ثيابي في الخيط، وأنا في آخر الناس، وإذا به يقول:" أنا أحلّ وأنت تعقد؟ " «٤» .
وحكى ابن النجار عنه: أنه كان في وسط الشتاء وبرده، وعليه قميص واحد، وعلى رأسه طاقية، وحوله من يروّحه بالمروحة. قال: والعرق يخرج من جسده كما يكون في شدّة الحر! «٥» .