قال أبو يوسف: وما سئل قضيب البان عن مسألة من لدن آدم عليه السلام إلى زمانه إلا مسح وجهه ثم نظر في كفه، وأخبر بجوابها. وبتاريخها.
قلت: ويحكى أن ابن يونس الفقيه، كان يستنقص بقضيب البان ويقول: عجبا لمن يعتقد فيه خيرا، وهو لا يتوقى النجاسات!، ويطلق لسانه فيه، فبينما ابن يونس يوما وهو على باب مدرسته، وقد جلس لانتظار الفقهاء، ليدخل بهم، ويذكر الدرس، وإذا بقضيب البان قد جاء، وجلس تلقاء وجهه، وأخذ هدمة له، وقعد يخيطها، ثم طلع إلى ابن يونس، وقال: يا قاضي! خيّطتك!، يا قاضي خيّطتك!. وجعل يكررها؛ فجاءت الفقهاء وجلس ابن يونس لذكر الدرس فلم يفتح عليه بكلمة، حتى ولا التحميد، وخرس!. فذكر كلمة قضيب البان، ونهض إليه، فقال: يا سيدي! أنا أستغفر الله، فضحك، وفتق بعض ما كان خيّط في تلك الهدمة!. ثم جعل يقول: فتقت لسانك يا قاضي! فتقت لسانك يا قاضي!.
فقام ابن يونس ودخل المدرسة، وجلس للدرس، ففتح عليه بكل عجب، وأتى بكل بديع، حتى قيل: إنه لم يذكر درسا في عمره أكثر تحريرا، وتحقيقا، ونقلا، وفائدة من ذلك اليوم.
قالوا: فكان ابن يونس إذا رآه بعدها قبّل يده، وقال: هذا ولي الله.