وقال أبو سليمان «١» المكتب: صحبت كرزا إلى مكة، فكان ينزل فيصلي، فرأيت يوما سحابة تظلّه، وكان يوما شديد الحر، فقال: اكتم علي. وقد ذكره أبو نعيم «٢» وغيره.
عدنا إلى ذكر الشيخ صاحب هذه الترجمة:
قال ابن اليونيني: صحب الشيخ الكبير عبد الله اليونيني، وانتفع به، وكان من أعيان أصحابه، وانقطع بزاويته بقرية" يونين" من عمل بعلبك، معرضا عن الدنيا وأهلها. يقوم الليل، ويسرد الصوم، [وبقي على ذلك سنين كثيرة، إلى أن توفي رحمه الله تعالى في زاويته بقرية يونين، في رابع ذي القعدة، ودفن بها، وهو في عشر الثمانين تقريبا]«٣» ، وكان من الأولياء الأفراد، ولم يتزوّج لاستغراق أوقاته بذلك، لكنه عقد عقدا على عجوز كانت تخدمه، لاحتمال أن تمس يده يدها «٤» ، والناس عنده سواء في المعاملة.
قال: وبلغني أن البادرائي قصد زيارته، فجاءه عند صلاة المغرب، فصلى الشيخ، وقام ليدخل إلى خلوته على عادته، فاستوقف له حتى أتاه فسلّم عليه، وسأله الدعاء، ثم أخذ في محادثته، فقال له الشيخ: رحم الله من زار وخفّف. وتركه ودخل [إلى خلوته] . «٥»
قال: وكانت شفاعاته عند ولاة الأمور مقبولة، وله الحرمة العظيمة عند سائر الناس، والمهابة في الصدور، مع لطف أخلاقه، ولين كلمته.
وله الكرامات الظاهرة، وإذا حضر له أحد من [المشايخ و]«٦» أرباب القلوب [إلى يونين، قصد زيارته و] تأدّب معه غاية الأدب، وأما هو فلا يمشي إلى أحد البتة. ومن سلك منهم معه غير الأدب سلب. «٧»