قال: وكانت بينه وبين والدي صداقة، وكنت آتيه مع أبي فيقبل علي، ويتلطّف بي، فلما كانت السنة التي مات فيها، كان والدي يأمرني بكثرة التردد إليه، [كأنه استشعر قرب أجله وأحس به، فكنت بعد كل يوم أتردد إليه فقصدته مرة في أول شوّال من هذه السنة، ومعي ناصر الدين علي بن فرقين، والشمس محمد بن داود رحمهما الله، فدخلنا عليه وليس عنده غيرنا، وشرع]«١» فحدّثنا، ثم استغرق عن غير قصد منه لذلك، ثم أفاق من غشيته، وقد انقطع الحديث، فسألناه إتمامه وألححنا في السؤال فقال:
من سارروه فأبدى السرّ مشتهرا ... لم يأمنوه على الأسرار ما عاشا
وأبعدوه فلم يحظ بقربهم ... وبدّلوه مكان الأنس إيحاشا
قال: وكان مضمون ذلك الحديث: أنه أنذر بدنو أجله، ثم لم يلبث أن مرض ومات، ودفن إلى جانب الشيخ عبد الخالق، وكان من أبر الصلحاء. «٢»
قال: حدثني أبو طالب بن أحمد اليونيني: أن الشيخ عيسى أخبره بما يكون من زوال ملك بني أيوب، وأن الترك تملك بعدهم، ويفتح الساحل كله «٣» .
قال: وحكى لي أيضا: أن عبد الله بن إلياس النصراني قال: جئت طرابلس، فقال لي بعض الخيّالة «٤» : عندي أسير من بلادكم- وعرض عليّ مشتراه- فوجدته رجلا اسمه:
سهل، من قرية" رعبان «٥» "[فحين رآني تشبّث بي وقال: لا تخلى عني اشترني وأنا أعطيك ثمني حال وصولي إلى رعبان]«٦» ، فاشتريته بستين دينارا صورية، وجبته «٧» إلى قريته، فلم