يكن له ولأولاده تلك الليلة ما يتعشون، فندمت، فقال لي أهل القرية: نحن في أيام البيدر نجمع لك ثمنه، فضقت لذلك، وجئت إلى يونين، فصادفت الشيخ عيسى خارجا من الطهارة، وما كنت رأيته قبل ذلك، فقال لي: أنت الذي اشتريت [سهل] الرعباني؟.
فقلت: نعم. فشرع يحدّثني عنه، [ويسألني عن الصورة وهو متوجه إلى زاويته، وأنا معه، فلما وصل إلى السياج الذي على ظاهر الزاوية، طلب فقيرا من داخل السياج، وقال له:]«١» أبصر في الزاوية ورقة تحت اللباد الذي لي، أحضرها.
قال النصراني: فتوهّمت أنها ورقة كتبها إلى من يعطيني شيئا من وقف الأسرى، أو غيره، فلما ناولني الورقة وجدتها ثقيلة، ففتحتها، فوجدت فيها الستين دينارا التي وزنتها في الأسير بعينها!، فتحيّرت، وأخذتها، وانصرفت «٢» . قال أبو طالب: فقلت له: فلم لا أسلمت؟. فقال: ما أراد الله.
قال قطب الدين: وشكوا إليه التفاح وأمر الدودة، وسألوه كتابة حرز، فأعطاهم ورقة فشمّعوها، وعلّقوها على شجرة، فزالت الدودة عن الوادي بأسره، وأخصبت أشجار التفاح بعد يبسها، وحملت حملا مفرطا.
وبقوا على ذلك سنين في حياته، وبعد وفاته، ثم خشينا من ضياع الحرز، فقلنا ننسخه عندنا، فأزلنا الشمع عنه، وفتحناه، فوجدناه قطعة من كتاب جاء إلى الشيخ من حماه، فندمنا على فتحه، ثم أعدناه، فلم يفد. وجاءت الدودة فركبت الأشجار، وأعطبتها، واستمرّ الحال على ذلك «٣» .
وقال: حكى لي الحاج علي بن أبي بكر عن بعض أقاربي أنهم قصدوا عمارة حمام في" يونين" وحصّلوا بعض آلاته، فنهاهم الشيخ عيسى، فقالوا: السمع والطاعة، فلما قاموا وأبعدوا، قال أحدهما للآخر: كيف نعمل؟. فقال له: الشيخ عيسى رجل كبير [ما يخلد، نصبر] ، ومتى مات عمّرناه. فبعث الشيخ بطلبهم، فلما جاؤوه قال: كأني بكم وقد قلتم