فلما قرب من البلد عرّج عنه، وقصد المكان الذي فيه الشيخ والجماعة، فجاء وسلّم وقال: يا سيدي! أسألك أن تأخذ عليّ العهد أن أكون من أصحابك.
فقال له الشيخ: وعزّة المعبود، أنت من أصحابي. فقال: الحمد لله، لهذا قصدتك، واستأذن الشيخ في الرجوع إلى أهله، فقال له الشيخ: وأين أهلك؟. قال: في الهند!. قال:
متى خرجت من عندهم؟. قال: صليت العصر، وخرجت لزيارتك. فقال له الشيخ: أنت الليلة ضيفنا، فبات عند الشيخ، وبتنا عنده. فلما أصبحنا من الغد طلب السفر، فخرج الشيخ، وخرجنا في خدمته لوداعه، فلما سرنا في وداع الشيخ، وضع الشيخ يده بين كتفيه، ودفعه، فغاب عنا، ولم نره، فقال الشيخ: وعزّة المعبود في دفعتي له وضع رجله في باب داره بالهند، أو كما قال. «١»
قال حفيده: سمعت علم الدين الشيرازي يحكي لوالدي: قال: كنت في بعض أسفاري، فأدركني شيء من الجوع والعطش، وأوقع الله تعالى في نفسي أن الله يطلع الشيخ على حالي، فإذا أنا بإنسان واقف على صخرة، وهو يشير إليّ: أن تعال. فمضيت إليه، وإذا هو الشيخ، وعنده كوز ماء، ورغيف خبز!. فقال: كل. فجلست وأكلت، وشربت. وحملت ما فضل.
قال حفيده: وسمعت والدي يقول: ولما كان في سنة ثمان وخمسين وستمائة، وكان الشيخ في حلب وقد حصل فيها ما حصل من فتنة التتار، وكان نازلا في المدرسة الأسدية.
فقال لي: يا بني! اذهب إلى بيتنا، فلعلك تجد ما نأكل. فذهبت إلى الدار، فوجدت الشيخ عيسى الرصافي، وكان من أصحابه، مقتولا في الدار، وعليه دلق»
الشيخ، وقد حرق، ولم يحترق الدّلق، ولم تمسّه النار، فأخذته وخرجت، فوجدني بعض بني جهبل، فأخبرته بخبر الدّلق، فحلف عليّ بالطلاق وأخذه مني. «٣»