وقال أيضا: حدّثني إسماعيل بن سالم الكردي، قال: كان لي غنم، وكان عليه راع، فسرح يوما على عادته، فلما كان وقت رجوعه لم يرجع، فخرجت في طلبه فلم أجده، ولم أجد له خبرا، فرجعت إلى الشيخ، فوجدته واقفا على باب داره، فلما رآني قال لي: ذهبت الغنم؟. قلت: نعم. قال: قد أخذها اثنا عشر رجلا وهم قد ربطوا الراعي بوادي كذا. وقد سألت الله أن يرسل عليهم النوم، وقد فعل. فامض تجدهم نياما والغنم ربضا إلا واحدة، قائمة ترضع سخلتها. قال: فمضيت إلى المكان الذي قال، فوجدت الأمر كما قال؛ فسقت الغنم، وجئت البلد.
وقال البطائحي: حضر الشيخ جنازة، وفيها جماعة من أعيان البلد، فجلس القاضي والخطيب والوالي في ناحية، وجلس الشيخ والفقراء في ناحية. فتكلّم القاضي والوالي في كرامات الأولياء، وأنه ليس لها حقيقة، وكان الخطيب رجلا صالحا، فلما قاموا جاء الجماعة يسلموا على الشيخ، فقال الشيخ للخطيب: إنا لا نسلّم عليك!. قال: ولم يا سيدي؟.
قال: لأنك لم ترد غيبة الأولياء، ولم تنتصر لهم، والتفت الشيخ إلى القاضي، والوالي، وقال: أنتما تنكران كرامات الأولياء! فما تحت أرجلكما؟ قالا: لا نعلم. قال: تحت أرجلكما مغارة ينزل إليها بخمس درج، وفيها شخص مدفون، هو وزوجته، وكان ملك هذا البلد، وهو على سرير، وزوجته قبالته، ولا نبرح من هذا المكان حتى نكشف عنهما.
فدعا بفؤوس، وكشف المكان، والجماعة حاضرون، فوجدوه كما قال.
وقال أبو المجد بن أبي الثناء: كنت عند الشيخ، وقدم عليه الشيخ نجم الدين البادرائي، متوجها إلى بغداد، وقد ولاه الخليفة القضاء، فسمعته يقول للشيخ: يا سيدي! قد ولاني الخليفة قضاء بغداد، وأنا كارهه، فقال له: طيّب قلبك، فإنك لا تحكم فيها، وحدّثه أشياء.
وسمعت الشيخ يقول له: يا شيخ نجم الدين! هذا إنسان صفته كذا وكذا، من أعيان الناس، وهو قريب من الملك الناصر، خاطره متعلق بك، وهو يشير إليك بخنصره، فقال له:
صدقت، يا سيدي!. دفع إليّ فص خاتم له قيمة، وقال: يكون عندك وديعة، والله ما أعلم أحدا من خلق الله علم بهذا الفصّ حين دفعه إليّ، وقد خيّطته في مزدرجتي، من حذري