لكنه لم تكن يغب زيارته والاجتماع به، ويطلعه على غوامض أسراره، ويستشيره في أموره، ولا يخرج عن رأيه، ويستصحبه في سائر أسفاره وغزواته، وفي ذلك يقول الشريف شرف الدين محمد بن رضوان الناسخ «١» :
ما الظاهر السلطان إلا مالك الدنيا بذاك لنا الملاحم تخبر
ولنا دليل واضح كالشمس في ... وسط السماء بكل عين تنظر
لما رأينا الخضر يقدم يقدم جيشه ... أبدا علمنا أنه الاسكندر «٢»
وكان يخبر الملك الظاهر بأمور قبل وقوعها، فتقع على ما يخبر به، ولما حاصر الملك الظاهر [أرسوف]«٣» ، وهي من أوائل فتوحاته، سأله: متى تؤخذ؟ فعين له اليوم الذي تؤخذ فيه، فوافق. وكذلك في" قيسارية" و" صفد".
ولما عاد الظاهر [رحمه الله تعالى] من دمشق إلى جهة الكرك، سنة خمس وستين، استشاره في قصده، فأشار عليه أن لا يقصده، وأن يتوجه إلى الديار المصرية، فلم يوافق قوله غرضه، فخالفه وقصده، فلما كان فانكسرت فخذه، وأقام مكانه أياما كثيرة، ثم حمل في محفّة إلى غزة، ثم إلى الديار المصرية على أعناق الرجال.
ولما قصد الظاهر منازلة حصن الأكراد ومحاصرته، اجتاز الشيخ خضر ببعلبك، ونزل بالزاوية التي عمرت له بظاهرها، وخرج نوّاب السلطنة وبعض أهل البلد إلى خدمته، فقال ابن اليونيني: وكنت فيمن خرج، فسمعت كمال الدين إبراهيم بن شيث [رحمه الله تعالى] يسأله عن أخذ حصن الأكراد؟. فقال ما معناه: يؤخذ في مدة أربعين يوما. أو قال: قلت:
لابني يشير إلى الملك الظاهر أنك تأخذه في أربعين يوما، فوافق ذلك، وأخذه في مدة أربعين يوما «٤» ولما