توجّه الملك الظاهر إلى الروم، سأل الشيخ خضر بعض أصحابه عما يتم للملك الظاهر؟، فأخبره أنه يظفر، ثم يعود إلى دمشق، ويموت بها بعد أن أموت أنا بعشرين يوما!. فاتفق ذلك. «١»
قال ابن اليونيني: وحكي لي أن الملك الظاهر لما تغير عليه، وأحضر من أصحابه من دمشق من يحاققه على أمور نقلت إليه عنه، ويقابله عليها، قعد الملك الظاهر بقلعة الجبل، وعنده من أكابر الأمراء فارس الدين الأتابك، وبدر الدين، والملك المنصور قلاوون، وسير الأمير سيف الدين قشتمر العجمي لإحضاره، فلما طلبه إلى الحضور إلى القلعة، أنكر ذلك، لأنه لم يكن له به عادة، فعرّفه [بشيء مما]«٢» هم فيه، فحضر معه، فلما دخل لم يجد ما يعهده، فقعد عندهم منتبذا منهم، فأحضر السلطان الذين أحضرهم من أصحابه من دمشق، فشرعوا ونسبوه إلى قبائح وأمور عظيمة لا تكاد تصدر من مسلم، فقال: ما أعرف ما يقولونه، ومع هذا، فأنا ما قلت لكم: أني رجل صالح، أنتم قلتم هذا، فإن كان ما يقول هؤلاء صحيحا فأنتم كذبتم.
فقام الملك الظاهر ومن معه من عنده؛ وقالوا: قوموا بنا، لا نحترق بمجاورته. وتحولوا إلى طرف الإيوان بعيدا منه. فقال الظاهر: أيش رابكم في أمره؟. فقال الأتابك: هذا مطّلع على الأسرار وأسرار الدولة، وبواطن أحوالها، وما ينبغي إبقاؤه في الوجود، فإنه لا يؤمن أن يصدر منه ما لا يمكن تلافيه. فوافقه الحاضرون على ذلك، وقالوا: ببعض ما قد قبل [عنه] يباح دمه، ففهم ما هم فيه، فقال للملك الظاهر: اسمع ما أقول لك! إنّ أجلي قريب من أجلك، وبين وبينك مدة أيام يسيرة، من مات منا لحقه صاحبه عن قريب. فوجم الملك الظاهر لذلك، وقال للأمراء: ما ترون في هذا؟. فلم يمكن أحدا أن يقول شيئا. فقال [السلطان] الظاهر: هذا يحبس في موضع لا يسمع له فيه حديث، فيكون مثل من قد قبر