فقال لي ما غبت عني مذ غدا ... يشرب من ريقي على خدي
وقوله وقد مرّ ببعض الكروم فرأى بها أعظما قد علقت، والرياح تلعب بها كلما خفقت، وكلما حركتها سمع من أصواتها مثل الأنين وأوجع من حسها ما يوجع الحزين، فتذكر ما كانت عليه تلك العظام الرفات، ثم ما حدث عليها من الآفات، وتأسف لها لو ردّ الأسف ما فات، والذي قاله:
سئمت دوام سكونها فتكلّمت ... شوقا إلى ما مرّ من لذّاتها
مرّ الصبا فتذكرت زمن الصبا ... فغدت تنوح على زمان حياتها
وقوله:
أودعت سرها الأزاهير سرا ... سرى فيه النسيم في الأسحار
وتلقت بعرفها الوفد حتى ... تنبهوا منها بقرب المزار
فأعادت من السقام شفاء ... حتى جاءت بأطيب الأخبار
مغور الرياض تبسم عجبا ... من بكاء السماء بالأمطار
نقطتها بلؤلؤ الطل ليلا ... فحكته شمس الضحى في النهار
فسمته النسيم في الجو حتى ... جمعته من سندس في إزار
وكأن الغصون في الدوح أضحت ... مصغيات إلى هديل الهزار
فإذا ما انتهى إليها بثت ... تحدث الهوى بغير استتار
ثم شقت أثوابها من غير أمر ... ثم فكت بقية الأزرار
وقوله:
رقّت معانيه وراق حديثه لطفا ... فعاد هوى لكل مزاج
فكأن معناه الطيف ولفظه ... خمر يروق في صفاء زجاج
وقوله:
شكوت صبابتي فيه وشوقي ... فكاد لرقة الشكوى يهيم