نسيمهم شمالا، ووهب كرمهم آمالا، وكانت تأتيني أخباره كما يقذف الروض بنشره، وكان السبب في المعرفة به الشيخ التقي عبد الله بن الخطيب، فكتبت إليه كتابا مضمونه:
قيل جبرين منزل لابن نبهان ... محوط بمحكم التنزيل
قد تبدا محمد في رباها ... علما للسارين وابن السبيل
بوقار كأنه الليل خوفا ... وجبين نيّر كالقنديل
ليس يخشى الضلال من أمّ منه ... حضرة أشرقت على جبريل
سلام الله وتحياته وبركاته على تلك الحضرة الطاهرة، جمعنا الله وإياها على التقوى في الدنيا والآخرة.
حضرة سيدي الشيخ السيد القدوة المسلّك، جامع الطرائق، منتخب الحقائق، أبي عبد الله محمد بن سيدي الشيخ نبهان، نبّه الله القلوب به، ونوّر البصائر بأغلاقها.
نسبته العبد الفقير المعترف بالتقصير أحمد بن فضل الله «١» . لما زاد شوقه إلى هذه الحضرة المقدسة، لما سمع من أخبارها، واقتبس قلبه الكليم من أنوارها، وكان الشيخ تقي الدين بن الخطيب ممن اتفق معرفته من الإخوان، وكان من نبهاء الطائفة المنسوبة إلى نبهان، وأخذ بزمام القلوب إلى الانتظام في هذا العديد، وجد بها إلى هذه النسبة الشريفة، وإن كان لا يصلح لها نبوة كل مزيد.
كتب العبد الفقير الراغب في القبول له، والإقبال عليه، هذه الأحرف حال وداعه متعرفا إلى هذا الجناب، ومتعلقا منه بأدنى الأسباب، فإن فتح له، وإلا فكسير لا ينثني وهو وراء الباب.
ثم كانت بيننا المكاتبات لا تنقطع، وكنت أتمنى لقاءه، ولم أستطع، وكان على قدم آبائه في إطعام كل زائر، وبر كل آمل، وإعانة كل مظلوم، وإغاثة كل ملهوف، ولم يزل أمراء حلب تجل أقدارهم، وتستأمر مستشارهم.