للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا وجدت ما آكل.

ثم قام ذلك الفقير، ودخل الفقير الذي قال ما قال أولا، فقال: يا سيدي! أنا أستغفر الله مما وقع مني، فقال له: يغفر الله لك، أتصحبني كذا وكذا شهرا وتقول: لو كان هذا فقيرا لما أخّر يده عنا لأجل شبعه، ونحن جياع؟. فقال: والله يا سيدي! كان ذلك. وأنا أستغفر الله منه. فضحك الشيخ، وأقبل عليه.

وحكى ابن عربي قال: رأى بعض مريدي الشيخ أبي مدين؛ كأن الحق سبحانه وتعالى في زير دقيق!، فذكر ذلك لأبي مدين، فقال: هل عندك دقيق؟. قال له: نعم. قال له: هل هو في زير؟. قال: نعم. قال: ذلك إلهك الذي تعتمد عليه، فتصدّق به لتخلص مما أنت فيه.

وحكى الوداعي قال: حدثني شخص مغربي:- وكان رجلا صالحا-: أن القحط شمل المغرب سنة، وأحبس المطر، فأتى الناس أبا مدين ليستسقي لهم، فخرج وهو يقول:

يا من يغيث الورى من بعد ما قنطوا ... ارحم عبيدا أكف الفقر قد بسطوا

واستنزلوا جودك المعهود فاسقهم ... ريا يريهم رضا ما شانه سخط

وعامل الكلّ بالفضل الذي ألفوا ... يا عادلا لا يرى في حكمه شطط

إن البهائم أضحى المحل مربعها ... والطير أصبح للحصباء يلتقط

والأرض من حلل الأزهار عاطلة ... وكان للزهر في فتحاتها بسط

وأنت أكرم مسئول تمدّ له ... أيد العصاة وإن جاروا وإن قنطوا

قال: ولم يزل يرددها حتى جاءت السماء، وتوالى الغيث، ودام يتعهد حتى كانت السنة المجدبة أخصب عام.

رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>