للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتسببت. إلهي! وأنت تعلم عقيدتي أنني أعتقد أن الإبرة والملقاط ما لهما إبراء البتة، فلا تحتجب عني بهما".

قال: فنوديت في باطني: نعم، الأمر كذلك، ولكن إليهما ركون. فقلت: إلهي! ولا ركون. وإذا بالشوكة قد نفرت بحدة من رجلي، وضربتني بقوة في إصبع يدي المسبحة اليمني، وسقطت على الأرض، فقمت ومضيت لسبيلي بفضل الله تعالى.

وحكي عن ابن عربي أنه قال: لي إلى مكة تردد، فما حججت لنفسي إلا حجة الإسلام، ولا اعتمرت سوى عمرة الفريضة، والباقي لمن شاء الله تعالى، لكني ما أهدي ذلك إلا لمن لا يكاد يرجى له خير.

وحكي عنه أنه قال: ذهب بعضهم إلى أن قوله عليه الصلاة والسلام: (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين) «١» ، إنما هو لئلا يبلغوا حد الخرف، الذي يفارق فيه النفوس على حالة الجهل.

وحكى شيخنا أبو الثناء الحلبي: أن رجلا كان في زمانه يجيد الخط، وأن بعض ملوك دمشق أعطاه مصحفا بخط ابن البواب لينقل له منه، فبينما هو مفتوح قدامه في ليلة من الليالي، والسراج يقد، وهو يكتب، إذ سقط السراج، فتبدد زيته على المصحف، فأيقن الرجل بالبلاء، والصبر للقتل والجلاء، وبات بشرّ ليلة تكون.

فلما أذن للصباح، أتى المسجد الجامع ليصلي، فرأى ابن عربي إلى جانبه، فلما قضى ركعتي المسجد، التفت إليه ابن عربي بوجهه، وقال له: ما صناعتك؟. قال: أنسخ. فقال له: فإن وقع السراج وتبدّد زيته على شيء قدّامك مضنون به، ما تصنع به حتى يذهب الزيت؟. فأكبّ على يديه يقبّلها، ويقول: هذا والله! جرى لي البارحة، وقصّ عليه قصّته، فضحك الشيخ، وقال: لا يهمّك، خذ عظام الأكارع الصغار، فاحرقها، واسحقها، واسحاق

<<  <  ج: ص:  >  >>