للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنه من ذاك اسعد حالة ... وله النعيم إذا الجهول يفطر «١»

ومنه قوله:

يا نائما كم ذا الرّقاد ... وأنت تدّعي فانتبه

كان الإله يقوم عنك بما ... دعا لو نمت به

لكن قلبك غافل عما دعا ... ك ومنتبه

في عالم الكون الذي ... يرديك مهما مت به

فانظر لنفسك قبل سيرك ... أن زادك مشتبه

ومنه قوله:

لما انقضى ليل الشباب ولاح لي صبح المشيب ... أضربت عن خوض السفاهة بالتبتل للحبيب

نفسي أخاطب، وإياي أعاتب، أيها المرسل عنان شهواته، الجائل في ميدان لذاته، السابق في حلبة هفواته، إلى كم ذا الاغترار بالعمر القصير؟، كأنك ما علمت أن إلى الله المصير!، فبادر إلى التوبة لعلّك تقال، وألق عن ظهرك أوقار الأوزار الثقال، يصح لك ما أمّلت في العقول، في حضرة القبول، فقد قال قيّوم السماوات والأرض: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ

«٢» وأمر به في كتابه المبين: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ

«٣» ، ثم رغّب فيما يحبه للمذنبين، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ

. «٤»

فيا أيها الناس! اعلموا أن كل من ظهرت منه حوبة «٥» ؛ فإن لله عليه توبة، فمن عظمت حوبته، جلّت توبته، فتوبة عالم الشهادة من الأعمال، وتوبة النفوس من الآمال، وتوبة

<<  <  ج: ص:  >  >>