الغفلات، فإذا صافحتهم الملائكة في طرقهم وفرشهم، الأحرى أن تصافحهم في محل طاعاتهم وأذكارهم، واقتضت حكمة الله سبحانه أن لا يستوي وقت كبوتهم عنده ووقت ذكرهم لما سواهما، حتى يعرف عظيم قدر رتبة محاضرته صلى الله عليه وسلم وعزازة الذكر وجلالة منصبهما.
وكان كثيرا ما ينشد:
يا عمرو ناد عبد زهراء يعرفه السامع والرائي
لا تدعني إلا بيا عبدها ... فإنه أشرف أسمائي «١»
توفي- رحمه الله تعالى- بالاسكندرية، سنة ست وثمانين وستمائة.
قلت: أتيت قبر الشيخ أبي العباس- رحمه الله تعالى- بظاهر ثغر الاسكندرية، وزرته فيما هنالك، وأتيت الشيخ ياقوت الحبشي «٢» ، وكان قد صحبه، فحكى لي عجائب من كراماته.
ومما حدثني به: أن رجلا أتى أبا العباس، فجلس بين يديه، ورجل عند الشيخ يكتب من أماليه، فأخذ ذلك الرجل محبرة الكاتب بيده ورفعها ليسهل عليه الاستمداد، والشيخ مقبل على الجماعة يحدّثهم، فجرى ذكر قلب الأعيان، فقال له ذاك الرجل: يا سيدي! هل لقلب الأعيان حقيقة؟. فقال: نعم. إن لله رجالا لو قال أحدهم لهذه المحبرة كوني ياقوتا لكانت. فالتفت الرجل فرأى المحبرة قد صارت ياقوتا!، فقطع كلام الشيخ ووثب خارجا